"...وكذلك الخضر واسمه بليا بن ملكان بن فالغ بن غابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام، كان في جيش فبعثه أمير الجيش يرتاد لهم ماء وكانوا قد فقدوا الماء، فوقع بعين الحياة فشرب منه فعاش إلى الآن، وكان لا يعرف ما خص الله به من الحياة شارب ذلك الماء ولقيته باشبيلية وأفادني التسليم للشيوخ وأن لا أنازعهم وكنت في ذلك اليوم قد نازعت شيخاً لي في مسألة وخرجت من عنده فلقيت الخضر بقوس الحنية (شارع بإشبيلية) فقال لي: سلّم إلى الشيخ مقالته فرجعت إلى الشيخ من حيني فلما دخلت عليه منزله فكلمني قبل أن أكلمه وقال لي: يا محمد احتاج في كل مسئلة تنازعني فيها أن يوصيك الخضر بالتسليم للشيوخ؟ فقلت له: يا سيدنا ذلك هو الخضر الذي أوصاني؟ قال: نعم، قلت له: الحمد لله هذي فائدة ومع هذا فما هو الأمر إلاّ كما ذكرت لك، فلما كان بعد مدة دخلت على الشيخ فوجدته قد رجع إلى قولي في تلك المسئلة وقال لي: إني كنت على غلط فيها وأنت المصيب، فقلت له: يا سيدي علمت الساعة أن الخضر ما أوصاني إلاّ بالتسليم، ما عرفني بأنك مصيب في تلك المسئلة، فإنه ما كان يتعين عليّّ نزاعك فيها فإنها لم تكن من الأحكام المشروعة التي يحرم السكوت عنها. وشكرت الله على ذلك وفرحت للشيخ الذي تبين له الحق فيها، وهذا عين الحياة ماء خص الله به من الحياة شارب ذلك الماء، ثم عاد إل أصحابه فأخبرهم بالماء فسارع الناس إلى ذلك الموضع ليستقوا منه فأخذ الله أبصارهم عنه فلم يقدروا عليه فهذا ما أنتج له سعيه في حق الغير..."
منقول من الفتوحات المكية
منقول من الفتوحات المكية