منتدى الطريقة الرحمانية الخلواتية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مقالات, أسئلة, استفسارات, مواضيع مختلفة في التصوف الاسلامي


    طـريـقـة و مـنـهـج الـشــيـخ عـبـد الـقــادر الـجـيـلانـي رضـي الله عـنـه فـي الـتـربـيـة و الـســلـوك

    وحيد سكيكدى
    وحيد سكيكدى


    المساهمات : 35
    تاريخ التسجيل : 06/12/2012
    العمر : 48

    طـريـقـة و مـنـهـج الـشــيـخ عـبـد الـقــادر الـجـيـلانـي رضـي الله عـنـه فـي الـتـربـيـة و الـســلـوك Empty طـريـقـة و مـنـهـج الـشــيـخ عـبـد الـقــادر الـجـيـلانـي رضـي الله عـنـه فـي الـتـربـيـة و الـســلـوك

    مُساهمة  وحيد سكيكدى الأربعاء نوفمبر 04, 2015 4:26 pm



    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبذكــره تتنزل الرحمات وبشكـره تزيد الخيرات
    والـصـلاة والسلام على مــلاذ المخلوقات وفخــر الكائنات سيدنا محمد سيد السادات
    وعلى آلــه الغـر الميامين وصحابته أجمعين ومن تبعهم بإحسـان إلى يوم الدين وبعد

    الســـــلام عليـــكــــم ورحمـــــة الله وبركـــاته

    طـريـقـة و مـنـهـج

    الـشــيـخ عـبـد الـقــادر الـجـيـلانـي

    رضـي الله عـنـه

    فـي الـتـربـيـة و الـســلـوك

    جـاء الـشــيـخ عـبـد الـقــادر الـجـيـلانـي قـدس الله ســره إلـى بـغـداد فـي ســنـة ( 488 ) هـ لـطـلـب الـعـلـم و تـعـلـم الـفـقـه و بـدأ بـطـلـب الـعـلـم و شــمـر عـن ســاعـد الـجـد عـنـدمـا عـلـم أن طـلـب الـعـلـم فـريـضـة عـلـى كـل مـســلـم و مـســلـمـة فـاجـتـهـد بـهـذا الـطـريـق و كـان يـدرس اثـنـا عـشــر عـلـمـا حـتـى قـال :
    درســت الـعـلـم حـتـى صـرت قــطـبـاً * * و نـلـت الـســعـد مـن مـولـى الـمـوالـي
    و صـار ســلـطـان الـعـلـمـاء و يـفـتـي عـلـى الـمـذهـبـيـن الـحـنـبـلـي و الـشــافـعـي و تـصـدر لـلـتـدريـس فـي مـدرســة شــيـخـه أبـو ســعـيـد الـمـخـزومـي فـي بـاب الأزج حـتـى ضـاقـت الـمـدرســة بـالـوافـديـن فـخـرج مـن بـغـداد إلـى أطـرافـهـا لـيـتـســع لـلـنـاس حـيـث وصـل عـدد الـذيـن يـجـلـســون فـي مـجـلـســه إلـى ســبـعـيـن ألـف طـالـب و عـالـم و مـتـصـوف ، و روى عـنـه أيـضـا انـه قـضـى عـدة ســنـوات عـلـى ضـفـاف دجـلـة يـتـعـبـد و يـعـتـكـف لـعـبـادة الله تـعـالـى و تـوجـه إلـى عـلـم الـتـصـوف و الـســلـوك و الـتـربـيـة فـأخـذ هـذا الـعـلـم عـن قـاضـي الـقـضـاة أبـو ســعـيـد الـمـخـزومـي و عـن الـشــيـخ حـمـاد الـدبـاس و عـن الـشــيـخ عـبـد الله الـصـومـعـي حـتـى شــهـد الـكـل لـه بـالـصـلاح و الـولايـة و ذاع صـيـتـه فـي بـغـداد و اســتـطـاع رضـي الله عـنـه أن يـجـمـع بـيـن الـفـقـه و الـعـلـم و الـتـصـوف و الـســلـوك و الـتـربـيـة و عـنـدمـا رأى ضـلال بـعـض الـفـرق الـصـوفـيـة و خـروجـهـا عـن الـكـتـاب و الـســنـة راح يـحـاربـهـا و يـبـيـن زيـفـهـا و زيـغـهـا و بـدعـهـا و ســعـى جـاهـدا لـيـخـضـع الـطـريـقـة لـلـشــريـعـة لـكـي لا تـضـل و لا تـزيـغ بـل قــدم الـشــريـعـة عـلـى الـطـريـقـة لأنـهـا الأصـل الـذي تـبـنـى عـلـيـه الـطـريـقـة و كـان يـكـثـر مـن قـولـه : اتـبـعـوا و لا تـبـتـدعـوا و كـان يـقـول : تـفـقـه ثـم اعـتـزل و كـل حـقـيـقـة لا تـشــهـد لـهـا الـشــريـعـة فـهـي زنـدقـة . و خـضـع لـه كـل الـعـلـمـاء و الأولـيـاء فـي زمـنـه لـمـا رأوا فـضـلـه عـلـيـهـم و بـذلـك أعـاد ربـط الـســلـوك و الـتـصـوف بـالـفـقـه و الـشــرع كـمـا كـان الـزهـد و الـتـعـبـد عـلـى عـهـد رســول الله صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم و كـان لـلـشــيـخ عـبـد الـقــادر رضـي الله عـنـه بـاعـاً طـويـلاً بـالـتـألـيـف و الـتـصـنـيـف و خـاصـة بـالـتـصـوف و الـســلـوك مـثـل كـتـاب : ( الـفـتـح الـربـانـي – فـتـوح الـغـيـب – الـغـنـيـة – ســر الأســرار – الـطـريـق إلـى الله – آداب الـســلـوك ) و كـل هـذا مـن أجـل أن يـضـع لـطـريـقـتـه مـنـهـاجـاً قـويـمـاً قـائـم عـلـى الـكـتـاب و الـســنـة مـن أجـل يـنـيـر الـدرب لـمـريـديـه مـن بـعـده حـتـى لا يـضـلـوا و يـنـغـمـســوا فـي الـبـدع و الـضـلال و هـكـذا كـان مـنـهـج ســـيـدي الـشــيـخ عـبـد الـقــادر الـجـيـلانـي رضـي الله عـنـه و هـكـذا اســتـطـاع أن يـوفـق بـيـن الـفـقـه و الـتـصـوف و آخـى بـيـن الـفـقـهـاء و الـمـتـصـوفـة و اخـضـع الـحـقـيـقـة لـلـشــريـعـة و صـفـى الـتـصـوف مـن الـبـدع و الـضـلالات الـتـي دخـلـت عـلـيـه فـدان لـه الـعـلـمـاء و وقـف بـبـابـه الأولـيـاء حـتـى قـال عـنـه الـشــيـخ عـقـيـل الـمـنـبـجـي رحـمـه الله :
    هـذا هـو الـبـاز الأشــهـب هـذا هـو ســلـطـان الأولـيـاء و الـعـارفـيـن
    و قـد وضـح طـريـقـتـه رضـي الله عـنـه فـقـال: (( لا يـرى غـيـر مـولاه و لا يـســمـع و لا يـعـقـل . بـنـعـمـتـه تـنـعـم . و بـقـربـه أُســعـد و تـزيـن و تـشــرف. و بـوعـده طـاب و ســكـن و بـه اطـمـئـن . و بـحـديـثـه أنـس و عـن غـيـره اســتـوحـش و نـفـر و إلـى ذكـره الـتـجأ و ركـن . و بـه عـزَّ و جـلَّ وثـق. و عـلـيـه تـوكـل و بـنـور مـعـرفـتـه اهـتـدى و تـقـمـص و تـســربـل )) .

    و قـال عـنـه الإمـام الـشــعـرانـي رضـي الله عـنـه : (( طـريـقـتـه الـتـوحـيـد وصـفـاً و حـكـمـاً و حـالاً و تـحـقـيـقـه الـشــرع ظـاهـراً و بـاطـنـاً .)) الـطـبـقـات الـكـبـرى 1/129

    و قـال عـنـه الـشــيـخ عـدي بـن مـســافـر رحـمـه الله تـعـالـى : ( طـريـقـتـه الـذبـول تـحـت مـجـاري الأقـدار بـمـوافـقـة الـقـلـب و الـروح و اتـحـاد الـبـاطـن و الـظـاهـر و انـســلاخـه مـن صـفـات الـنـفـس ) الـطـبـقـات الـكـبـرى 1/127

    و قـال عـنـه الـشــيـخ بـقـا بـن بـطـو رحـمـه الله تـعـالـى : ( كـانـت قـوة الـشــيـخ عـبـد الـقــادر الـجـيـلانـي فـي طـريـقـتـه إلـى ربـه كـقـوى جـمـيـع أهـل الـطـريـق شــدة و لـزومـاً و كـانـت طـريـقـتـه الـتـوحـيـد وصـفـاً و حـكـمـاً و حـالاً ) الـطـبـقـات الـكـبـرى 1/ 127

    و يـقـول عـنـه الـشــيـخ عـلـي بـن الـهـيـتـي رحـمـه الله تـعـالـى : ( كـان قـدمـه الـتـفـويـض و الـمـوافـقـة مـع الـتـبـرىء مـن الـحـول و الـقـوة و كـانـت طـريـقـتـه تـجـريـد الـتـوحـيـد و تـوحـيـد الـتـفـريـد مـع الـحـضـور فـي مـوقـف الـعـبـوديـة لا بـشــيء و لا لـشــيء ) الـطـبـقـات الـكـبـرى1/128

    هـكـذا كـانـت طـريـقـة و مـســيـرة ســيـدي الـبـاز الأشــهـب و الـغـوث الأعـظـم الـشــيـخ عـبـد الـقــادر الـجـيـلانـي رضـي الله عـنـه و عـلـى ذلـك ســار فـي مـنـهـج الـتـربـيـة مـع تـلامـيـذه و كـان مـعـروفـاً بـيـن الـمـشــايـخ بـشــدتـه و حـزمـه فـي الـتـربـيـة و لا يـتـهـاون فـي الـشــريـعـة و حـدودهـا و كـان يـعـتـمـد فـي تـربـيـة الـمـريـديـن أولاً عـلـى الـحـلـم بـهـم و مـن ثـم الـعـلـم و الـفـقـه و الـحـديـث ثـم عـلـى الـزهـد و الـتـقـشــف و الـريـاضـات و الـخـلـوات و الـمـجـاهـدات و عـلـى الأذكـار و الأدعـيـة فـقـام رضـي الله عـنـه بـوضـع الأوراد و قـســمـهـا عـلـى الأيـام و الـلـيـالـي و الأوقـات فـكـانـت خـبـرتـه فـي الـتـربـيـة لـيـس لـه مـثـيـل فـي عـصـره حـتـى انـتـهـت إلـيـه رئـاســة الـعـلـم و الـتـربـيـة فـي زمـنـه فـلـذلـك اشــتـهـر بـيـن الـعـوام و الـخـواص و شــهـدت لـه كـل الـمـلـل و الـنـحـل حـتـى أن الـيـهـود و الـنـصـارى كـانـوا يـحـضـرون مـجـالـســه و لـم يـطـعـن أحـد بـســيـرتـه و مـنـهـجـه بـل شــهـد بـفـضـلـه كـبـار عـلـمـاء الأمـة و صـالـحـيـهـا مـمـن عـاصـروه و مـمـن جـاءوا مـن بـعـده فـمـن الـعـلـمـاء كـالـعـز ابـن عـبـد الـسـلام و الإمـام الـنـووي و ابـن كـثـيـر و الـذهـبـي و ابـن تـيـمـيـة و ابـن الـقـيـم و الـســيـوطـي و ابـن حـجـر رحـمـهـم الله و مـن الـصـالـحـيـن كـالإمـام الـرفـاعـي و الـشــيـخ عـقـيـل الـمـنـبـجـي و الـســهـروردي و مـحـي الـديـن الـعـربـي و عـدي ابـن مـســافـر و الـشــيـخ رســلان الـدمـشــقـي و حـيـاة ابـن قـيـس الـحـرانـي و أبـو مـديـن و أبـو الـحـســن الـشــاذلـي و الـشــعـرانـي

    أخــي الـســالـك :
    هـكـذا كـان مـنـهـج الـشــيـخ الـجـلـيـل الـذي عـاش قـدوة لـلـنـاس و مـنـارة لـمـن جـاء مـن بـعـده و هـا هـي طـريـقـتـه الـقــادريـة الـعـلـيـة ثــمـان قـرون و نـيـف و الـنـاس تـقـتـدي بـه و تـثـنـي عـلـيـه و تـتـبـع مـنـهـجـه الـقـويـم فـإذا أردت أن تـكـون مـن أتـبـاع الـطـريـقـة الـقــادريـة بـحـق فـلـن يـســتـقـيـم لـك ذلـك إلا بـإتـبـاع مـنـهـجـه و طـريـقـتـه عـلـى أصـلـهـا الـصـحـيـح الـذي اقـتـبـســه رضـي الله عـنـه مـن بـحـر الـشــريـعـة و مـن نــور الـنـبـوة الـمـحـمـدي و تـحـذي حـذوه دون مـخـالـفـة و دون شــطـط عـن مـنـهـجـه و طـريـقـتـه و اجـعـل الـكـتـاب عـن يـمـيـنـك و الـســنـة عـن شــمـالـك و اجـعـلـهـمـا جـنـاحـيـك تـطـيـر بـهـمـا إلـى الله جـلَّ و عـلا . و تـقـرب بـهـمـا إلـى الله و رســولـه صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم . فـرضـي الله عـن ســيـدي الـشــيـخ عـبـد الـقــادر و نـفـعـنـا بـبـركـتـه آمــيـن .آمــيـن . رحـمـهـم الله أجـمـعـيـن .

    و صـلـى الله عـلـى ســيـدنـا مـحـمـد و عـلـى آلـه و صـحـبـه
    و الـحـمــد لله رب الـعـالـمـيـن

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 6:09 am